الكرسي الفارغ
تعريف ✓
قصة اجتماعية مؤثرة عن الغياب، الحنين، والحب الذي لا يموت
في زمنٍ أصبحت فيه العلاقات سريعة، والمشاعر مؤقتة، تبقى بعض القصص شاهدًا على أن الحب الحقيقي لا يرحل حتى بعد الغياب.
تبدأ الحكاية في مقهى صغير وسط المدينة القديمة، حيث يجلس رجل كل صباح على الطاولة نفسها، أمام كرسي فارغ.
يحتسي قهوته بهدوء، يبتسم أحيانًا، ويتحدث أحيانًا أخرى، كأنه يروي قصة لشخصٍ لا يراه أحد سواه.
الناس يمرّون بجانبه ويتهامسون:
"مسكين… يبدو أنه فقد عقله."
لكن الحقيقة أنه لم يفقد عقله… بل فقد قلبه.
البداية✓
كان اسمه سامي، رجل ناجح في عمله، يعيش وسط زحمة الاجتماعات والمشاريع والمكالمات. حياته مليئة بالإنجازات، لكنها فارغة من المعنى.
في البيت، كانت تنتظره زوجته ليلى — امرأة هادئة، مفعمة بالحب، تبتسم له رغم انشغاله الدائم، وتقول له كل مساء:
"سامي، دعنا نسافر قليلاً، نمشي على الشاطئ، نعيش يومًا بدون ضغوط."
وكان يجيبها دائمًا دون أن يرفع رأسه عن الحاسوب:
"ليس الآن يا ليلى… بعد المشروع القادم."
لكن المشروع القادم لم ينتهِ أبدًا.
وانتهت ليلى قبل أن يبدأ.
في ليلة باردة، وبينما كان يعمل حتى وقت متأخر، سمع صوت فنجان قهوة يسقط في المطبخ.
ركض نحوها، وجدها على الأرض، وجهها شاحب، وعيونها نصف مغلقة، كأنها تريد أن تقول شيئًا لم يعد قادرًا على سماعه.
وفي تلك الليلة، رحلت ليلى بصمتٍ يشبه العتاب.
لم تكن مريضة، فقط تعبت من الانتظار.
منذ ذلك اليوم، صار سامي يأتي إلى المقهى الذي كانت تحبه.
يجلس على الكرسي ذاته، يطلب قهوتين كما كانا يفعلان، ويتحدث إلى الكرسي المقابل وكأنها ما زالت هناك.
"ليلى، هل رأيتِ تلك الفتاة التي كانت تضحك هنا الأسبوع الماضي؟ تشبهك قليلًا..."
الناس اعتادوا عليه، أحدهم يراه عاشقًا مجنونًا، وآخر يراه رمزًا للوفاء، لكن سامي لم يكن ينتظرها لتعود، هو فقط يتذكر كيف كانت الحياة حين كانت موجودة.
وذات صباح، جلست فتاة شابة على الكرسي الفارغ دون أن تنتبه.
نظر إليها سامي بابتسامة حزينة وقال:
"هذا المكان... محجوز لامرأة لا تأتي."
ارتبكت واعتذرت، لكنها بقيت بعد أن رأت الدموع التي يحاول إخفاءها.
كانت تُدعى رنا، طالبة تكتب عن العلاقات الإنسانية في زمن السرعة.
بدأت تزوره كل صباح، تستمع إليه، وتتعلم أن الحب الحقيقي لا يحتاج حضورًا جسديًا، بل حضورًا في الذاكرة والروح.
بعد أشهر، كتبت رنا مقالة بعنوان:
"الكرسي الفارغ… حين يصبح الحنين وطنًا."
انتشرت القصة سريعًا، وصار المقهى مكانًا يقصده كل من فقد حبيبًا أو صديقًا أو حلمًا.
الناس يجلسون أمام الكرسي الفارغ، يتحدثون مع الغائبين، يبتسمون، يبكون، ثم يرحلون أخفّ مما جاؤوا.
وسامي؟
ما زال يأتي كل صباح، لكنه الآن يطلب قهوة واحدة فقط، ويبتسم.
لأنه فهم أخيرًا أن الحب لا ينتهي بالموت، بل يبدأ من بعده.
ليست كل المقاعد الفارغة دليلًا على الوحدة، فبعضها ممتلئ بالحب، بالذكريات، وبمن غادروا وبقوا فينا.
💬 رأيك يهمّنا
هل جلست يومًا أمام "كرسي فارغ" في حياتك؟
ربما ليس في مقهى… بل في قلبك.
شاركنا في التعليقات 👇
كيف تتعامل مع الغياب؟ وهل تؤمن أن الحب يمكن أن يبقى بعد الرحيل؟



تعليقات
إرسال تعليق