🌿 "الشجرة التي حلمت أن تطير"
تعريف✓
في طرف غابة هادئة تقف شجرة ترتفع أغصانها نحو السماء كأنها تلاحق أمنية علقت هناك منذ البداية. أوراقها ترتعش مع كل هبّة ريح، ليس خوفًا من السقوط، بل حنينًا إلى التحليق. الجذور تمسك الأرض بقوة، رغم أنها تشتاق إلى لحظة انفلات خفيفة تجعلها تلامس الغيم.
الضوء ينساب بين الأغصان فيتحول إلى أحلام صغيرة تتدلى مثل ثمار لم تنضج بعد. كل صباح يهمس النسيم في أذن الجذع بحكايات الطيور، وكل مساء يترك الغروب في لحائها أثر جناحين لم يُخلقا بعد. السماء فوقها ليست سقفًا، بل دعوة مفتوحة.
في صمت الليل العميق، عندما تتوقف الكائنات عن الجري خلف يوم جديد، تلمع أغصان الشجرة كأنها تستعيد صورة مستقبل تتمنى عيشه. الأرض تحتها تشعر بالارتجاف الخفيف لتلك الرغبة. الكون كله يبدو كأنه يعقد هدنة قصيرة كي يسمح للأمنية بأن تكبر.
الشجرة التي حلمت أن تطير لا تنتظر معجزة. تكتفي برفع أوراقها أعلى قليلًا كل يوم، فربما ذات فجأة، يسهو الجاذبية عنها… وتجد نفسها تحلّق.
البداية✓
في غابةٍ بعيدة، كانت هناك شجرة صغيرة تنمو بين أشجارٍ عملاقة تلامس السماء. كانت الشجرة تنظر إليها بإعجابٍ كبير وتقول في نفسها:
"ليتني أستطيع أن أطير مثل الطيور، أو أرى الدنيا من هناك، من فوق الغيوم..."
كانت كل الأشجار من حولها تضحك منها، وتقول:
"نحن خُلقنا لنثبت في الأرض، لا لنطير في السماء."
لكن الشجرة الصغيرة لم تتخلَّ عن حلمها، وظلت تُحدث الريح كل يومٍ عن أمنيتها. كانت الريح تُحبها لأنها كانت مختلفة، ولأنها لم تشتكِ يومًا رغم صغرها وضعفها.
مرت الفصول، ونما ساق الشجرة، وامتدت جذورها في الأرض، لكنها لم تنسَ حلمها القديم.
وفي يومٍ من الأيام، هبّت عاصفة عظيمة اقتلعت الكثير من الأشجار، وكسرت أغصانًا ضخمة.
أما الشجرة الصغيرة، فكانت جذورها عميقة، فتشبثت بالأرض بكل قوتها.
بعد العاصفة، نظرت حولها فوجدت الغابة قد تغيّرت: سقطت الأشجار التي كانت تسخر منها، وبقيت هي وحدها شامخة رغم جراحها.
حزنت كثيرًا، وقالت للريح:
"أردت أن أطير... لا أن أبقى وحيدة."
لكن الريح همست لها:
"انظري حولك يا صغيرة، أنت الآن ترين ما لم تكن تلك الأشجار تراه. لقد وصلتِ إلى السماء بطريقتك."
ومع مرور السنين، أصبحت الشجرة ملجأً للطيور التي بنت أعشاشها بين أغصانها، وغنّت لها كل صباح.
فابتسمت وقالت:
"لم أُخلق لأطير... بل لأمنح الآخرين أجنحة."
💫 العبرة:
ليس كل حلم يتحقق كما نتصوره،
فأحيانًا، يتحقق بطريقةٍ أجمل وأعمق مما تخيّلنا.
الصبر على الطريق يجعلنا نصل، ولو بطرقٍ لا تشبه أجنحة الطيور.



تعليقات
إرسال تعليق