: النداء الأول من مدينة الحروف المنسية
✨ :
كانت "ليان" تؤمن أن لكل كلمة روحًا، وأن الحروف ليست رموزًا فحسب، بل مفاتيح لعوالم أخرى.
كانت تقضي ساعات طويلة في مكتبتها الصغيرة، تتأمل الكتب كما لو كانت نوافذ تطل على أرواح خفية.
في ليلةٍ باردة، وبينما كانت تقلب صفحات رواية مجهولة المؤلف، لفت انتباهها غلافها الداخلي — قطعة من ورقٍ قديم عليه حبر باهت كتب بخطٍ رقيق:
"من يكتب الحلم الأخير، يفتح باب الحكاية الأولى."
لم تفهم العبارة، لكنها شعرت بأن الكلمات تهمس باسمها.
حينها، بدأ الحبر يتحرك ببطء، كأن الريح تسري بين السطور، وتجمّع ليشكل دائرة من ضوء أزرق.
ارتجف القلم بين أصابعها، وانسكبت قطرة حبر على الصفحة — لكنها لم تكن ككل مرة…
تحولت القطرة إلى دائرة مضيئة اتسعت حتى ابتلعتها بالكامل.
فتحت عينيها لتجد نفسها تقف على جسرٍ من الكلمات المضيئة يمتد فوق بحرٍ من الصفحات البيضاء، تموج عليه الحروف كأنها أمواج حيّة.
الريح هناك كانت تحمل أصواتًا خافتة — ضحكات، أنين، قصائد، وحكايات لم تُكتب بعد.
"مرحبًا بك في عالمٍ تصنعه الكلمات وتزيّنه الأحلام…"
كان الصوت خلفها — ناعمًا، عميقًا، وغريبًا في الوقت ذاته.
التفتت فرأت امرأة شفافة كأنها مكونة من ضوءٍ وحروف.
قالت لها:
"أنا سُطور، حارسة مدينة الحروف المنسية. جئتِ لأن حبرك استُدعي من هذا العالم. لقد كتب اسمك أحدهم منذ زمنٍ بعيد."
ليان (مرتبكة):
"من كتب اسمي؟ ولماذا أنا هنا؟"
ابتسمت "سطور" وأجابت بهدوء:
"كل إنسانٍ يكتب من قلبه، يترك أثرًا في هذا المكان. لكنك يا ليان… لم تكتبي فقط، بل أحييتِ حروفًا كانت تموت."
ومن بعيد، ارتفع برج ضخم من الكتب المظلمة، مغلق بسلاسل سوداء تتلألأ بشررٍ خافت.
"لكن قبل أن تعرفي الحقيقة، عليكِ أن تفتحي البرج، وتعيدي الحكاية الأولى إلى النور…"
ارتجف قلب ليان. شعرت أن هذه الرحلة لن تكون مجرد حلم، بل قدرًا ينتظرها منذ زمنٍ طو



تعليقات
إرسال تعليق