ظلال أُومبرا — الجزء الأول: المدينة التي تنام تحت الرماد


 تعريف✓

داخل أعماق لا يصلها الضوء تولد ظلال أُومبرا. طبقة داكنة ليست مجرد غياب للإنارة، بل حضور كثيف للغموض نفسه. اللون هناك أثقل من السواد، يلتف حول الأشياء ويمنحها هيئة أخرى لا تشبه انعكاسها الحقيقي. الأرض تحت وطأة تلك الظلال تفقد توازنها، كأن كل خطوة فوقها محاولة للثبات في عالم يتقلّب بين المعلوم والمخفي.

التفاصيل تختفي داخل العمق الأسود، بينما حواف الأشياء تتلّمع بومضات خفيفة تحاول النجاة من الظلام المسيطر. الهواء يتحرك ببطء، كأنّه يخشى إزعاج السكون الكامن. الظلال تتنفس، تتسع وتضيق وفق إيقاع غامض تحكمه قوى غير معروفة.

لا يوجد يوم أو ليل في مكان تحكمه ظلال أُومبرا. الزمن نفسه يصبح متعبًا، يتوقف قليلًا كي يستجمع شجاعته قبل أن يتابع سيره. كل ما هو واقعي يتبدل، وكل ما هو خيال يقترب من التحقق. عالم يتربص عند حدود الرؤية، ينتظر لحظة ينفلت فيها من قيوده ليعيد تشكيل الحقيقة من جديد.

البداية✓


في أقصى أطراف الكوكب المظلم «أُومبرا»، حيث لا تشرق الشمس إلا مرة كل مئة عام، تقوم مدينة متفحمة تُدعى نيراس.

كانت مبنية على عظام مخلوقات منسية، يقال إنها كانت آلهةً قبل أن تسقط من السماء.

يعيش سكانها تحت قبة حجرية ضخمة تحجب الضوء وتحبس الهواء، يخرج منها بخار رمادي يُغطي كل شيء برائحة الحرق.


في وسط المدينة يقف برج الزجاج الأسود، لا أحد يعلم من بناه، لكن الجميع يعلم أن من يقترب منه يسمع أصواتًا لا تُشبه البشر.

يقال إن في قمته مخلوقًا يُدعى "الحارس الذي لا ينام"، نصفه من لحم، ونصفه من دخان، يراقب المدينة منذ آلاف السنين.


أما بطلة قصتنا فهي فتاة تُدعى إليرا — يتيمة، تعمل في جمع رماد المخلوقات المحروقة لبيعه إلى الكيميائيين.

لكنها مختلفة… عيناها تلمعان بضوءٍ أزرق غريب، لا يشبه أي لون معروف في أُومبرا.

منذ أسابيع، بدأت تسمع نداءات في نومها، أصواتًا تهمس من تحت الأرض:


"أيقظينا… قبل أن يستيقظ الحارس."


ذات ليلة، وبينما كانت تُنقّب في خرائب الجنوب، عثرت على جمجمة ضخمة تشبه جمجمة الإنسان، لكنها تملك قرونًا معدنية تنبض بالضوء.

حين لمستها، انشقّ الأرض تحت قدميها، وسقطت في نفقٍ مليء بالعيون — بعضها بشرية، وبعضها لا تُشبه شيئًا رأتْه من قبل.

هناك، في الظلام، ظهر لها كائن غريب…

طويل الجسد، جلده يشبه الزجاج المكسور، يتكلم بصوتين في وقتٍ واحد.


قال لها:


"لقد تأخرتِ يا إليرا… الحارس بدأ يُفتح عينيه."

تعليقات

المشاركات الشائعة