حين التقت القهوة بالصدفة

 



تعريف✓

قهوة مسكوبة تغير صباح هادئ، وتحوّل لقاء عابر بين هند ويوسف إلى بداية حكاية لا تشبه الروتين.
ابتسامة خجولة… كتاب جديد… وموعد يومي ينتقل من طاولة مقهى إلى مستقبل مليء بالأحلام.
أحياناً الحياة لا تحتاج تخطيط، يكفي فنجان قهوة… وصدفة واحدة فقط.

 بداية ✓

كانت هند تعشق الصباح الهادئ. أوراق الكتب بالنسبة لها كانت مثل ملاذ صغير تهرب إليه من ضجيج الأيام. تختار دائماً زاوية المقهى القريبة من النافذة، حيث تدخل الشمس بخجل وتلون الطاولة بدرجة ذهبية ناعمة.

ذاك اليوم لم يختلف عن غيره… أو هكذا ظنت.

بين صفحات الكتاب التي بدأت تبلى من كثرة القراءة، وبين رشفة قهوتها الأولى، داهمتها لحظة لم تكن بالحسبان. كوب قهوة آخر ارتجف وسكب لونه الغامق على الورق الأبيض.

رفعت رأسها بسرعة، فوجدت شاباً بملامح مرتبكة وابتسامة اعتذار خجولة.

"آسف جداً… ما كنت مركز."

رغم انزعاجها من القهوة التي غزت كتابها، ابتسمت وهي تشعر أن الموقف أغرب من أن يُغضبها.

كان يوسف… اسم بسيط، لكن عينيه كان فيهما حديث طويل لا ينتهي.

جلس معها ليعوضها عن الخطأ، فتحوّلت دقائق الاعتذار إلى ساعة من الكلام الدافئ. اكتشفت أن له أحلام كبيرة لكنه لا يظهرها كثيراً، مثل شخص أشعل شمعة في غرفته ونسي أن النافذة مفتوحة للهواء.

عندما غادر، ترك لها بطاقته… وترك معها فكرة لم تفهمها بعد.
لماذا شعرت أن الغد سيحمل شيئاً مختلفاً؟




االقهوة الثانية✓

في اليوم التالي، كانت هند في المقهى قبل الموعد المعتاد. قلبها يدق بخفة، كأن الحياة تعطيها سيناريو جديداً.

ظهر يوسف، بابتسامة هذه المرة فيها ثقة… وثمرة خبر سار.
"قبلوني في الوظيفة!" قالها بنبرة ممتلئة بأمل.

تبادلا الحديث كصديقين قديمين… كأن البارحة كان بداية طريق لم يكن يحتاج إلا دفعة صغيرة.

قررا أن يشتريا كتاباً جديداً يعوّض ما انسكلب عليه القهوة. كتب كل منهما اسمه على الصفحة الأولى.
ابتسمت هند وهي تلمس الورقة، شعرت أن القصة هنا بدأت، لا في الصفحات التي سبقتها.


 

تفاصيل تكبر ✓

الأيام تسير برتم جميل. قهوة صباحية، ضحكة مشتركة، نقاش عن الكتب والحياة.
يوسف كان يتعلم من هند الصبر… وهي تتعلم منه أن الحياة ليست جامدة مثل الفواصل التي تضعها بين الصفحات.

مرّت الشهور…
وصار لكل فنجان قهوة ذكرى، ولكل صفحة من الكتاب تعليق بخطين مختلفين. وقع يوسف يوماً على ملاحظة صغيرة كتبها في الهامش:

"أحياناً الصدف أحسن من كل التخطيط. بدونها ما كنت بعرفك."

قلبها خفق كأنه وافق دون صوت.




وعد لا ينتهي✓

في صباح يشبه أول صباح جمعهما، وقف يوسف قرب طاولتها المعتادة. كان يحمل وردة ونظرة فيها الكثير من الكلام. جلس أمامها وقال بخفوت متحمس:

"هند… نكمل روايتنا سوا؟ مو على الورق بس… في الحياة كلها؟"

شعرت هند أن العالم كله توقف لحظة كي يسمع ردها.
قالت: "أكيد يا يوسف. أكيد."

كان الوعد بسيطاً جداً… لكنه أجمل ما في البساطة أنها تصنع المعجزات.


تعليقات

المشاركات الشائعة