🕊️آخرُ وعدٍ عند أسوار الممالك
تعريف✓
في زمنٍ كانت الممالك تتناحر على أطراف البحر، كانت هناك أميرة تُدعى ليانا، جميلة كالفجر حين يولد فوق الضباب.
نشأت بين الكتب والورود، لا تعرف من العالم سوى أصوات العصافير وصدى النايات عند الفجر.
أما هو، فكان إلياس، فارسًا من عامة الناس، جاء إلى القصر بعد أن أنقذ جنود الملك في معركةٍ شرسة على حدود البلاد.
لم يكن سوى رجلٍ بسيط، يحمل في عينيه حزنَ العمر وشجاعةَ ألف رجل.
وحين التقت نظراتهما لأول مرة في حديقة القصر، لم يكن في العالم شيءٌ آخر سوى تلك اللحظة.
ابتسمت له، وابتسم لها، وكان القدر قد كتب أول حرفٍ من قصةٍ لن تكتمل.
تسلّل الحب بينهما كنسمةٍ خجولة.
كانت تكتب له رسائلها على أوراق الورد، ويترك لها عند النافذة رمحًا صغيرًا نقش عليه اسمها.
لكن الملوك لا يؤمنون بالحبّ، بل بالتحالفات والدماء.
فقد خُطبت الأميرة إلى أمير مملكة العدو لإيقاف الحرب.
وحين علم إلياس بالخبر، ركب جواده في ليلٍ ممطر، وعبر أسوار القصر خلسة.
وقف تحت نافذتها، مبللًا كطفلٍ فقد وطنه، وقال بصوتٍ مرتجف:
"أيعني السلام أن أفقدكِ؟"
بكت الأميرة وهمست من خلف النافذة:
"الحبّ لا يُهزم يا إلياس… لكنه يُنفى."
اقترب أكثر، رفع يده نحوها، كأن السماء كلها اختصرت في تلك المسافة الصغيرة بين أصابعهما.
قالت له:
"وعدني، إن رآك القدر يومًا، لا تذكر اسمي كي لا تجرح قلبي من جديد."
ابتسم وهو يهمس:
"سأذكره في صمتي، كلّما مرّ النسيم."
وفي الصباح، رحل الفارس إلى أرضٍ بعيدة، وقيل إنه قُتل في الحرب التالية.
أما الأميرة، فكانت كلّ فجرٍ تقف عند شرفة القصر، تنتظر عودة فارسٍ وعدها بالسكوت… فبقيت تنتظر، حتى خبا الضوء في عينيها.
وهكذا انتهت قصة حبٍ لم تبدأ يومًا… لكنها خُلّدت في الريح، وفي همس الورد، وفي ذاكرة القلوب التي لا تنسى.



تعليقات
إرسال تعليق