أصدقاء على غصن الشجرة

 




 كيف تعلم الأطفال معنى العطاء من عصفور صغير

في كل مدرسة، هناك أماكن تحمل ذكريات لا تُنسى، وقد تكون مجرد شجرة في الساحة، لكنها تصبح شاهدة على لحظات تصنع فرقًا في القلوب.
في مدرسة صغيرة في أطراف القرية، كانت هناك شجرة كبيرة يسمّيها الأطفال "شجرة الحياة". على أحد أغصانها عاشت عائلة عصافير، اعتاد الجميع سماع تغريدها كل صباح.

العصافير التي أحبها الجميع

كان الأطفال يشعرون أن العصافير جزء من يومهم الدراسي. كانوا يلوحون لها ويبتسمون عند دخولهم، لكن أكثرهم تعلقًا بها كانت الطفلة الهادئة ريم. كانت ريم تقضي معظم أوقات الاستراحة وهي ترسم العصافير في دفترها الصغير. كان الرسم عالمها الخاص، والعصافير صديقتها التي لا تتكلم لكنها تملأ قلبها بالسلام.

وبجانبها كان الطفل غيث، عكسها تمامًا: كثير الحركة، كثير الكلام، لكنه يحمل قلبًا طيبًا.

حادثة تغير كل شيء

في صباح بارد، لاحظت ريم أن شيئًا غير طبيعي يحدث. العصفورة الأم لم تعد تقفز بين الأغصان، بل كانت ضعيفة وتحرك جناحها بصعوبة. حاولت الطيران لكنها سقطت على الأرض.

تقدمت ريم بخطوات خائفة، ولحقها غيث وهو يسأل بقلق:

"هل هي بخير؟"

ردت ريم بصوت حزين:

"أظن أنها مصابة."

بدأ الأطفال بالتجمع حول العصفور. للمرة الأولى، شعروا أن عليهم مسؤولية.
هل يتركون العصفورة؟ أم يحاولون كيفما استطاعوا أن يساعدوها؟

ريم لم تتردد، أخذت القرار وقالت:

"لن نتركها وحدها."

صندوق صغير… وقلب كبير

في اليوم التالي، أحضرت ريم صندوقًا صغيرًا مبطنًا بالقطن. ساعدها غيث بإحضار الطعام والماء. بهدوء شديد حملت ريم العصفورة ووضعَتها داخل الصندوق. توجه الأطفال إلى المعلمة سهى التي رحبت بتصرفهم وأثنت على شجاعتهم.

بدأت المعلمة بتنظيف جناح العصفورة وربطه بقطعة قماش صغيرة.
وفي تلك اللحظة تغير شيء مهم:

تحول الأطفال من مجرد مراقبين… إلى أشخاص يتحملون المسؤولية.

رحلة رعاية… ودروس إنسانية

خلال الأيام التالية، أصبح الصندوق جزءًا من روتين الأطفال اليومي.
كانوا يزورون العصفورة كل صباح، ويضعون لها فتات الخبز والماء.

ريم كانت تجلس بجانبها وتحكي لها القصص.
وغيث كان يبحث دائمًا عن معلومات عن العصافير ويشاركها مع زملائه.

لم تكن العصفورة تحتاج الطعام فقط، بل كانت تحتاج الحب والأمان.

ومن خلال هذا الاهتمام، تعلّم الأطفال معنى جديدًا:

الرحمة ليست كلمة، بل فعل.

لحظة الحرية

بعد أيام من العلاج والرعاية، أعلنت المعلمة أن العصفورة أصبحت قادرة على الطيران.
اجتمع الأطفال في الساحة، بينما حملت ريم الصندوق بيديها الصغيرة.

فتحت الغطاء ببطء…
رفرفت العصفورة بجناحيها، ثم ارتفعت في الهواء الحر.

في تلك اللحظة، امتلأت أعين الأطفال بالفرح، بينما صاحت ريم:

"لقد طارت!"

وقفت العصفورة على غصن الشجرة نفسها، وغردت بصوت أعلى من أي وقت مضى.

قالت المعلمة بابتسامة عميقة:

"أحيانًا، يكون العطاء أن تساعد أحدًا على الطيران… حتى لو طار بعيدًا."

القيمة التي تبقى

لم تعد الشجرة مجرد شجرة في ساحة المدرسة.
وأصبحت العصافير رمزًا لمعنى كبير تعلّمه الأطفال:

  • أن الرحمة لا تحتاج قوة، بل تحتاج قلبًا.

  • وأن العطاء الحقيقي هو بدون انتظار مقابل.

  • وأن أصغر الأفعال قد تترك أجمل أثر.

هذه القصة لم تغير حياة العصفور فقط،
بل غيرت قلوب الأطفال أيضًا.

تعليقات

المشاركات الشائعة